أيمن شاكر يكتب : النار التي أنارت الطريق : لماذا حريق رمسيس يفرض علينا بناء مصر البديلة ؟

أيمن شاكر يكتب : النار التي أنارت الطريق : لماذا حريق رمسيس يفرض علينا بناء مصر البديلة ؟
أيمن شاكر يكتب : النار التي أنارت الطريق : لماذا حريق رمسيس يفرض علينا بناء مصر البديلة ؟



بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر 

رئيس قسم الأدب ✍🏻 


💧 دخان ينذر بعاصفة رقمية

ارتفع دخان أسود من قلب القاهرة مساء اليوم، ليس مجرد حريق في "سنترال رمسيس"، بل صرخة تحذير مدوية. لقد كشف هذا الحادث أن حضارتنا الرقمية قائمة على بيت من زجاج: انهيار مركز اتصالات واحد شلّ حركة العاصمة، وأوقف خدمات الطوارئ، وجمد البنوك، وعطل المستشفيات، وحوّل الشوارع إلى فوضى. مشهدٌ مصغّر لما قد يحدث إذا تعرّضت كابلات الإنترنت البحرية لهجوم، أو تحوّلت أقمارنا الصناعية إلى غبار.  


🩸الدرس المر : مركزية التكنولوجيا فخ قاتل 

ما جرى اليوم هو تشريح حيّ لهشاشة عصرنا :  

- مبنى واحد تحوّل إلى نقطة فشل وحيدة تهدد أمن دولة.  

- انقطاع الإنترنت أعاد المواطنين لعصر "الرسائل الشفهية".  

- الأنظمة الذكية (المرور، الصرافات، الطوارئ) تبخرت بلمحة.  

هذا الكشف المأساوي يضعنا أمام حقيقة مرعبة: لو حدث هذا على مستوى كابلات بحرية أو أقمار صناعية، ستسقط الدول كقطع الدومينو.  


🩸الحل المستبعد : لماذا "البدائي" هو سلاح المستقبل ؟ 

الخيار ليس بين التكنولوجيا والعودة للعصر الحجري، بل في بناء شبكة ظل لا تعتمد على الكهرباء أو الأقمار:  

- اتصالات ما بعد الكارثة : إحياء شبكات الراديو القديمة (موجات القصر العيني) وتوزيع أجهزة لاسلكية على القيادات المحلية.  

- ذاكرة ورقية لا تموت : حفظ سجلات المواليد والملكيات والسجلات الطبية في خزائن حصينة تحت الأرض.  

- شبكة دم بديلة : تطوير سكك حديدية تعمل بخطوط ثابتة، وتخزين وقود احتياطي على الطرق البرية.  

- قيادة لا تحتاج ساتلًا : تفويض الصلاحيات للمحافظات مع خطط طوارئ جاهزة.  


💧لمصر البطولة : دروس البقاء من عمق التاريخ

  

لطالما قدّمت هذه الأرض دروسًا في المرونة :  

- نظام الري الفرعوني أنقذها من المجاعات حين جفّت أنهار العالم.  

- ورق البردي حفظ تاريخها حين احترقت مكتبات الحضارات.  

- قوافل الصحراء ربطت أقاليمها دون أنظمة تتبع.  

حريق رمسيس اليوم هو نداء تاريخي: بدل إعادة البناء بنفس الهشاشة، فلنخلق "مصر الظل" التي تعمل عند انطفاء الأنوار الرقمية.  


🩸خارطة الإنقاذ : من الرماد إلى الخلود 

تحويل الكارثة إلى فرصة يتطلب :  

١- قرار سيادي فوري: تشكيل لجنة طوارئ قومية برئاسة رئاسة الجمهورية.  

٢- ميزانية البقاء : تحويل 5% من استثمارات المدن الذكية لتمويل الشبكة البديلة.  

٣- أكاديمية الظلام : تدريب 20 ألف شاب على إدارة الدولة يدويًا.  

٤- كرنفال القيامة : إطفاء الإنترنت 6 ساعات سنويًا لمحاكاة الكارثة.  


💧 من اللهب.. تولد الفرص الخالدة 

نيران رمسيس لم تحرق حجارةً فقط، بل أحرقت غفلتنا عن هشاشة عصرنا الذهبي الوهمي. هذه النار تذكّرنا أن التكنولوجيا أداة عبقرية – لكنها ليست روح الحضارة. روح مصر الحقيقية تكمن في ذلك الخيط الخفي الذي يربط بين:  

- حكمة الكتبة الذين حفظوا التاريخ على البردي.  

- عبقرية المهندسين الذين شقّوا الترع بدون أقمار صناعية.  

- إرادة الشعب الذي يعيد البناء من تحت الرماد.  


ستظل مصر شامخةً كالأهرامات :  

 - إذا سقطت الأبراج الإلكترونية .. سنبني أبراج اتصال من إرادة الأجداد.  

 - إذا احترقت الكابلات .. سنحيك خيوط النجاة من ذاكرة البرديات.  

 - إذا انطفأ النور الرقمي .. سنضيء شموعاً من قصب السبق الحضاري.  


🩸لأن هذه الأرض تعرف سرّ البقاء :

الجذور أعمق من الكابلات ، والإرادة أقوى من النار ، والحضارة الحقيقية تُبنى بيدين .. واحدة تمسك بالحداثة ، والأخرى تحتضن تراب الأجداد  


"رُبَّ حريقٍ يُضيء درب الخلود .. ومِصرُ فوق الرماد تبني عُروشَها من جديد."


حفظ الله مصر وقيادتها وشعبها العظيم 

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه 

تعليقات